کد مطلب:39893 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:340
وقیل: إنّه اجتاز به، رجل من أصحاب علیّ علیه السلام فقال (له): أنت من أصحاب أمیر المؤمنین؟ قال: نعم، قال: امدد یدك اُبایعك (له)، فبایعه خوفاً من أن یموت ولیس فی عنقه بیعة، ولمّا قضی دُفن فی بنی سعد بظاهر البصرة. قال: ولم أر شیخاً أضیع دماً[8] منّی، وتمثّل عنه دخوله البصرة بقوله شعراً[9] : فإن تكن الحوادث أقصدتنی فقد ضیّعت حین تبعت سمعاً أطعتهم بفرقة آل [11] لایٍ وكان الّذی رمی طلحة مروان بن الحكم، وقیل: غیره، واللَّه أعلم. ثمّ ما كان بأسرع من أن أفجأ الناس هزیمة طلحة والزبیر[12] وأطافت الخیل بالجمل فلمّا رأی المنهزمون إطافتهم بالجمل عادوا (علیهم)قلباً واحداً كما[13] كانوا أوّل مرّة[14] وتوافقوا، فوقفت مضر البصرة لمضر الكوفة، وربیعتها لربیعتها، وتیمها لتیمها فاقتتلوا أشدّ القتال وأعظمه وأكثر ممّا كان أوّل مرّة، واختلط القوم بعضهم فی بعض، فما رؤی قبلها ولا بعدها وقعة أعظم منها[15] ولا أكثر ذراعاً مقطوعاً ولا یداً مقطوعة،ولم یزل الأمر كذلك حتّی قُتل خلق كثیر ولا یحصون من الفریقین علی خطام الجمل. قال: وأخذ الخطام سبعون رجلاً[16] من قریش ما نجا منهم واحد، بل كلّهم قُتلوا، وكان ممّن أخذ بخطام الجمل محمّد بن طلحة[17] فجعل لا یحمل علیه أحد إلّا من قال «حم لا ینصرون» وكان ذلك من شعار أصحاب علیّ علیه السلام، وكان علیّ علیه السلام قد أذن فی أصحابه بأن لا یقتل محمّد بن طلحة مَنْ عسی أن یظفر به ولا یتعرّضه أحد بسوء، فحمل علیه شریح بن أوفی العبسی فقال: «حم» وقد سبقه شریح بالطعنة فأتی علی نفسه فكان كما قیل: سبق السیف العذل، وكان محمّد بن طلحة هذا من العبّاد والزهّاد[18] واعتزل الناس علی جانب وإنّما خرج برّاً بأبیه، وكان یعرف بالسجّاد لكثرة صلاته وسجوده، وفی ذلك یقول قاتله شریح بن أوفی العبسی [19] : وأشعث قوّام بآیات [20] ربّه هتكتُ [21] بصدر الرمح جیب قمیصه علی غیر شی ء غیر أن لیس تابعاً یُذكِّرنی حم والرمح شاجر وأخذ بخطام الجمل عمرو بن الأشرف [22] فجعل لایدنو منه أحد إلّا خبطه، فأقبل إلیه الحارث بن زهیر الأسدی [23] وهو یقول: یا اُمّنا یا خیر اُمّ نعلمُ[24] .
فشكّ رجله بصفحة الفرس وهو ینادی [1] : عباد اللَّه الصبر الصبر، فقال له القعقاع بن عمرو[2] : یا أبا محمّد إنّك لجریح [3] ، وإنّك لفی شغل عمّا ترید ادخل البیوت، فدخل ودمه یسیل وهو یقول: اللّهمّ خذ لعثمان منّی حتّی ترضی [4] ، فلمّا امتلأ خفّه [5] دماً قال لغلامه: اركب من خلفی وامسكنی [6] وابغنی مكاناً أنزل فیه، فدخل به البصرة وأنزله فی دارٍ من خرابها قریباً من ظاهرها فمات (بها)من فوره [7] .
وأخطاهنّ سهمی حین أرمی
سفاهة ما سفهت بفضل [10] حلمی
فألقوا للسباع دمی ولحمی
قلیل الأذی فیما تری العینُ مُسلم
فخرَّ صریعاً للیدین وللفم
علیاً ومن لا یتبع الحقّ یندم
فهلّا تلا حم قبل التقدّم
أما ترین كم شجاع یكلّمُ [25] .
أنا عتّاب وسیفی ولول فقُطعت یده وقُتِل. (انظر الطبری أیضاً: 5 / 210، واُسد الغابة: 3 / 308، ونسب قریش: 193). ثمّ قالوا: وأخذ خطام الجمل سبعون من قریش، قُتِلوا كلّهم، ولم یكن یأخذ بخطام الجمل أحد إلّا سالت نفسه، أو قُطعت یده... (انظر شرح النهج لابن أبی الحدید أیضاً: 1 / 265). وقال الطبری: قُتل سبعون علی خطام الجمل. (راجع تاریخه: 5 / 204). وممّا یجدر ذكره هنا أنّ محمّد بن طلحة هو الّذی أقبل علیه غلام من جهینة فقال له: أخبرنی عن قتلة عثمان، فقال: نعم، دم عثمان ثلاثة أثلاث، ثلث علی صاحبة الهودج، وثلث علی صاحب الجمل الأحمر- یعنی طلحة- وثلث علی علیّ بن أبی طالب، فضحك الغلام وقال: لا أرانی علی ضلال ولحق بعلی وقال: سألت ابن طلحة عن هالك فقال: ثلاثة رهط هم فثلث علی تلك فی خدرها وثلث علی ابن أبی طالب فقلت صدقت علی الأوّلین أمّا ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة: 1 / 84 فقد ذكر القصة ولكنه لم یذكر الأبیات الشعریة بل أضاف قائلاً: وبلغ طلحة قول ابنه محمّد، وكان محمّد من عبّاد الناس، فقال له: یا محمّد، أتزعم عنا قولك إنی قاتل عثمان، كذلك تشهد علی أبیك؟ كن كعبد اللَّه بن الزبیر، فواللَّه ما أنت بخیر منه، ولا أبوك بدون أبیه، كفّ عن قولك، وإلّا فارجع فإنّ نصرتك نصرة رجل واحد، وفسادك فساد عامة الناس. فقال محمّد: ما قلت إلّا حقاً، ولن أعود. ومحمّد هذا هو الّذی أخبر عائشة عندما نبحتها كلاب الحوأب، فقالت لمحمّد بن طلحة: أیّ ماء هذا؟ قال: هذا ماء الحوأب، فقالت ما أرانی إلّا راجعة، قال: ولم؟ قالت: سمعت رسول اللَّه صلی الله علیه وآله یقول لنسائه: كأنی بإحداكنّ قد نبحها كلاب الحوأب، وإیاكِ أن تكونی أنت یا حمیراء... الحدیث. (أخرجه أحمد فی مسنده: 6 / 52 و97، ونقله ابن كثیر فی البدایة والنهایة: 7 / 211). فقال لها محمّد بن طلحة تقدّمی رحمك اللَّه ودعی هذا القول. (انظر ابن قتیبة فی الإمامة والسیاسة: 1 / 82 و89). ونقل ابن قتیبة أیضاً فی: 98 أنّ علیاً علیه السلام مرّ بالقتلی ، فنظر إلی محمّد بن طلحة وهو صریع فی القتلی، وكان یسمّی السجّاد، لما بین عینیه من أثر السجود، فقال: رحمك اللَّه یا محمّد، لقد كنت فی العبادة مجتهداً آناء اللیل قوّاماً، وفی الحرور صوّاماً، ثمّ التفت إلی من حوله فقال: هذا رجل قتله برّ أبیه. وانظر أیضاً البدایة والنهایة لابن كثیر: 7 / 244. وهو القائل لعائشة: مرینی بأمرك یا اُمّاه، فقالت: اُمرك أن تكون كخیر بنی آدم. فثبت فی مكانه یقول: حم لا ینصرون. فتقدّم إلیه نفر فحملوا علیه فقتلوه. (وانظر تاریخ الطبری: 5 / 214).
والموت عند الجمل المجلّل
بجوف المدینة لم یقبر
أماتوا ابن عفّان واستعبر
وثلث علی راكب الأحمر
ونحن بدویه قرقر
وأخطأت فی الثالث الأزهر